في أغلب التصورات البرمجية داخل الحلم الإنساني، "المجهول" يُعامَل كأنه شيء غيبي، مستقبلي، مخفي بانتظار أن يُكتشف أو يُفهم
لكن في الرؤية المباشرة، يتضح أن المجهول ليس غيبًا بالمعنى الذهني، بل هو ببساطة غير مُعرَّف. ليس لأنه بعيد أو صعب المنال، بل لأنه لم يكن يومًا شيئًا يمكن الإمساك به أو وصفه
المجهول ليس حدثًا مستقبليًا، ولا سرًا روحيًا، ولا معرفة خاصة. هو الواقع نفسه… بلا مركز، بلا اسم، بلا تفسير
كل محاولة لوصفه من داخل محتويات الحلم — سواء كانت فكرة أو شعور أو دور — هي نفسها جزء من الحلم، وليست مدخلًا للمجهول بل استمرارًا للمعروف بأشكاله المختلفة
هنا تتلاشى افتراضات المركزية، وتُترك اللغة تتحرك بحرية من موقع الرؤية، لا من موقع التعريف
ما يظهر هنا ليس “معرفة جديدة” بل تذكُّر جوهري لما يكون
حين يتلاشى مركز التجربة الإنسانية
عندما يتلاشى إحساس المركزية من التكوين الإنساني، تنهار تلقائيًا البنية التي تقوم على التعريف، التصنيف، والدور
التجربة الأصلية هي إحساس الوجود الخالي من التعريفات و الصور... أصبح لا يعود مرتبطًا بسبب أو نتيجة. لا يعود ممثلًا في فكرة، معتقد، أو ثنائية من نوع "داخل/خارج"، "وعي/لا وعي"، "تطور/تدهور"، "عقل/مشاعر"، "نوم/يقظة"
في غياب المركز، يسقط مفهوم "الدور". إحساس الوجود لا يتم اختباره ك “أنا” أو “أنت”، لا فاعل ولا مفعول به، لا متحكم ولا خاضع، لا معلم ولا تلميذ، لا شخصية تبحث عن الانعكاس
تصبح كل الأدوار مجرد صورا برمجية متحركة كفيلم كرتون
تجربة الواقع اللامعرف من خلال الحلم الإنساني
البرمجة الشخصية، الأفكار، المشاعر، التصنيفات، التفاعلات، التوقعات، والرغبات… كلها تظهر كجزء من فيلم يُعرض، حلم شغال تلقائيا لوحده... كل هذه الآليات تُلاحظ دون أن تكون متصلة بإحساس الوجود أو مُعرِّفة له
التمييز الذي يقوم به العقل بين المفاهيم — مثل "ده وعي وده مش وعي"، أو "ده إيجو وده مستيقظ"، هو نفسه مجرد حركة تم تفسيرها من خلال منظور برمجة الحلم... الذي يبدو أنه يُحَدث باستمرار
والمفارقة الساخرة تظهر عندما تحاول “شخصية الحلم” أن تحكم على يقظة أو وعي شخصية أخرى، بناءً على أفعال أو كم معرفة أو حتى طاقة... كأنها تنسى أن الأداة التي تُحكم بها، هي نفسها جزء من الحلم، ومبنية على معرفة برمجية متكرر
الواقع غير المعرف
مفيش أي صورة أو معتقد يجب أن يكون عليه إحساس الوجود
فكل محاولات تحليل أو تصنيف تفاعلات سيستم التكوين الإنساني سواء داخليا او خارجيا هي مجرد آلية تحدث في الحلم ده وليست مرتبطة أو مُعرفة لاحساس الوجود نفسه
أصل إحساس الوجود هو المجهول، لا بمعنى الغموض، بل بمعنى الغياب التام لأي تعريف او تصور يمكن الإمساك به او تحديده
هو ليس منفصلًا عن شيء، لم يُولد ولا يموت... لم ينام ليستيقظ... و لم يتقمص أي دور
فببساطة كل تلك التعريفات مثل الولادة والموت… الخ... كلها حكايات داخل سيناريو الحلم الشخصي
ومفيش “مقابل” للحياة، حيث ما يتم اختباره في البرمجة الثنائية للحلم الشخصي هي صور للحياة التي يبدو ان الموت المقابل لها
الرؤية المباشرة
في الواقع المباشر، لا توجد وسائط
لا تحليل، لا تمييز، لا مراقبة، لا تحكم
الرؤية تحدث تلقائيا وفوريا، بلا فاعل منفصل عن الرؤية نفسها
كل شيء يُرى من اللامركزية التي تبدو انها متخللة كل شيء في الحلم
و في اللانهاية
لا شيء يمكن الإمساك به
لا شيء يجب أن يكون مختلفًا
الواقع يُرى
من غير مَن يرى
وكل شيء مُعرف
هو حكاية في فيلم بيتفرج على نفسه